توجيه نبوي في مسيرتنا الراهنة‏:‏ الرحمة والمحبة والإخاء

قد نشكو من أحوالنا وما نمر به من ظـروف صعبة في معايشنا‏.‏ حيث الغلاء والارتفاع في الاسعار واحتكار السلع وتدني الأجور‏..‏ نشكو من ذلك وغيره بالرغم من أن العلاج قريب منا وفي متناول أيدينا

ولو أضفناه إلي خطوات الإصلاح الذي تتبناه الدولة لتغيرت المسيرة وأثمر هذا الإصلاح أكثر وأكثر وأتي أكله سريعا وناميا ومباركا فيه‏.‏وأعني بهذا العلاج‏..‏ منهج الاسلام الذي يتمثل في التكافل والتعاطف والرحمة والمحبة والاخاء‏..‏ وهي صفات لو سادت في مجتمع من المجتمعات لصلح أمره في كل شئون حياته‏,‏ فالأغنياء تفيض أموالهم علي الفقراء‏,‏ والعلماء يفيض علمهم علي طالبي التعليم‏,‏ والتجار يتنافسون علي التسامح والسماحة في البيع والشراء‏,‏ وأفراد المجتمع من جميع الطبقات والمهن يتعارضون في السراء والضراء‏..‏ فلا تحاسد ولا تباغن والكراهية ولا أحقاد ولا تنافس في الاستغلال والكسب الحرام وقسوة القلوب‏..‏ بل إخاء وعطاء وصفاء ورحمة ومودة وحب يستظل به أبناء المجتمع ويتحقق لهم من خلاله الأمن الغذائي والاجتماعي والسياسي وازدهار الحياه بنا ولنا ولمن حولنا‏..‏
‏
وعقيدتي التي أومن بها دون أن يتطرق إليها أي شك‏..‏ هي أنني لا يمكن أن أتصور أن يقدم مجتمع آمن ومزدهر ومتماسك ويستطيع أن يملي علي الحياة إرادته ويضيع وجوده وفق ؟؟ ويفرض قدرته وإرادته السياسية والاقتصادية علي المجتمعات من حوله‏,‏ ويفيض خيره وبره وعطاؤه علي نفسه وعلي غيره‏..‏ مالم تتوافر لهذا المجتمع أسباب التعاطف والتكافل والرحمة والعمل المثمر والعطاء بلا حدود وبغير من أو أذي‏..‏

ومن هنا كانت هذه الصفات وما يماثلها مما دعا إليه الاسلام ورغب فيه‏,‏ وفي المقدمة منها صفة الرحمة‏..‏ ومن أسس المجتمع القوي‏,‏ الغني‏,‏ المتكافل‏,‏ المؤمن‏,‏ المتحاب‏,‏ المتآخي‏,‏ الذي يعطي من معه لمن ليس معه‏,‏ ويتحمل فيه الغني مئونة المحتاج‏.‏

مجتمع يبني بالرحمة ويعلي البنيان بالعطاء والحب والتسامح‏.‏
‏
والرحمة‏.‏ وهي دعوة أصيله ومنهج ثابت في عقيدة الاسلام تشمل رحمة الله بعباده جميعا دون تمييز في الدين أو الجنس أو اللون‏,‏ كما تشمل رحمة الناس بعضهم بعضا‏,‏ وتعني أيضا إحياء الناس والأرض وإرسال الرياح بشري بين يدي رحمة الله لإنزال الغيث والمطر رعاية لمخلوقاته إذ لا تقوم حياة بغير ماء‏,‏ ومن رحمة الله أن خلق للناس أزواجا من أنفسهم‏:‏ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة‏.‏ ومن رحمته خلق الليل والنهارة

قل من يكلئوكم بالليل والنهار من الرحمن والرحمن يعني الرحمة‏,‏ والرحمن صفة مقصورة علي الله وحده‏,‏ لذا قرن الله تعالي عند دعاء عباده له من بين أسمائه الحسني بين لفظي الله والرحمن للدلالة علي اختصاصه عز وجل بهما حيث لايجوز إطلاق لفظي الله والرحمن علي غيره تنره وتعالي‏:‏ قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ماتدعوا فله الأسماء الحسني‏.‏
‏
علي أن رحمة الله بعباده‏..‏ نلسمها فيما لا يحصي من نعمة تعالي عليهم منذ خلقهم في بطون أمهاتهم إلي أن يتوفاهم‏,‏ حيث تمتد رحمته لتشملهم في الدار الاخرة بالعفو والمغفرة كما شملهم في دنياهم بالرحمة والرعاية والرزق الحلال‏..‏

لقد خلق الله عباده أسوياء‏..‏ سمعا وبصرا وإحساسا وزوقا وشما وكفل لهم الرزق ومنحهم العقل وأسبغ عليهم‏.‏ بالعافية وأرسل لهم الرسل والأنبياء ليهتدوا ويحققوا لأنفسهم خيري الدنيا والآخرة‏,‏ وماكنت ترجو أن يلقي إليك الكتاب الا رحمة من ربك‏,‏ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين‏.‏ وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين‏..‏ فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه‏.‏

ومن كمال الايمان ألا يغتر المرء بعبادته أو يزهو بعطائه أو قيمته بمساعدته للمحتاجين أو ينافق ويرائي في صدقاته وزكاته‏..‏ وإنما عليه دائما أن يكون صادقا‏,‏ مخلصا‏,‏ حسن النية‏,‏ محتسبا ذلك عند الله تعالي‏,‏ معتقدا أنه محتاج أشد الحاجة لرحمة ربه ورضاه‏,‏ ولذلك كان بعض الصحابة يقول‏:‏ لو أن الله يقبل مني سجدة واحدة ماخفت أن يسرع إلي الموت لأنه في هذه الحالة عرف الرضا وتذوق رحمة الله به‏.‏

ولأن ترك الدعاء ومعصية كما يقول المصطفي صلي الله عليه وسلم الذي وصفه الرحمن الرحيم بقوله‏:‏ بالمؤمنين رءوف رحيم فقد كان دعاء المؤمنين الصادقين في صدر الإسلام كما حكاه القرآن‏:‏ ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا‏,‏ ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة‏.‏

ويحذرنا القرآن الكريم من اليأس من رحمة الله‏:‏ ياعبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله ورحمته تعالي تأخذ بأيدينا إلي طريق الهداية والاستقامة والخير والوقاية من الشرور والآثام والبخل وشح النفس‏:‏ إن النفس لأمارة بالسوء إلا مارحم ربي‏.‏ وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته‏.‏ورحمة الله التي هي قريب من المؤمنين‏,‏ هي إملاء لغير المؤمنين‏,‏ أصحاب القلوب الجاحدة التي تتنكر لنداء السماء‏:‏ ولو رحمناهم وكشفنا مابهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون‏,‏ ورحمة الله خير مما يجمعون‏..‏
‏
علي أن الرحمة بكل هذه المعاني التي أوردناها‏..‏ هي منهج الله في الأرض لامتصاص الحقد والبغضاء والعداوة بين الناس وذلك لصلاح الحياة وتحقيق أمن ورخاء الناس وسلامتهم‏:‏ فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون بلي ان الفضل في ذيوع الإسلام والتمكين في الأرض مرده إلي رحمة الله ودعوة الإسلام للتراحم بين البشر‏:‏ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك‏.‏ ومن أسمي مراتب الرحمة تأليف القلوب وتآلفها وذلك جماع الخير‏:‏ وألف بين قلوبهم ولو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم‏.‏

وقد كان نبي الأمة والانسانية محمد صلي الله عليه وسلم القدوة والمثل في رحمته وشفقته وحبه للآخرين وطهر نفسه وسموها وشملت رحمته الناس جميعا فتجاوبت معه القلوب والأرواح وبادلته حبا بحب ملأ عليهم حياتهم وجري في أجسادهم مجري الدم وسيطر علي كل كيانهم‏..‏ وتأملوا معي أيها القراء الأعزاء كيف رأي صلي الله عليه وسلم في الضعفاء وجوانب إيجابية حين قال‏:‏ أبغوني الضعفاء‏,‏ فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم‏.‏

وهذا التوجيه النبوي الكريم والحكيم هو بيت القصيد وهدفنا المنشود في مسيرتنا الراهنة التي نشكو فيها قلة الزاد وارتفاع سعره والعناء في السعي علي المعيشة‏..‏ وهي دعوة كريمة من النبي صلي الله عليه وسلم لاتباعه القادرين أن يمدوا يد العون لغير القادرين وان يبادروا بمساعدة الدولة والاسهام معها في رعاية هؤلاء وهم كثيرون‏..‏ انطلاقا من صفة الرحمة التي هي منهج الإسلام في بناء المجتمع المتحاب والمتكافل والخير والذي ينمو فيه العطاء ويتكاثر حتي يفيض علي من حوله‏..‏ وحتي يزدهر الوطن وتنعم مصر التي كرمها القرآن الكريم وأثني النبي الكريم علي شعبها‏..‏ بالرخاء والنماء وتعود سيرتها الأولي عطاء لأمتها وأمنا وسلاما للعالم من حولها وفي البداية والنهاية‏..‏ رحمة الله قريب من المحسنين‏.‏

عدد الرسائل : 2 تاريخ التسجيل : 27/04/2008

موضوعك رائع أخوووووووووووووووووووووووووووووووو وي ونتمنى المزيد

يسلمووووووووووو جولدن على مرورك العطررررر

لك مني كل الشكرررر والتقديررر

اسير

موضوع رائع

rihaboooooooooo
على مرورك الكريم

عطرتي صفحتي بطلتك العطررررة